مدخل إلى فلسفة العقل - (1) المثنوية

Posted by Ali Reda | Posted in | Posted on 6/01/2015

فلسفة العقل بتدرس طبيعة العقل والوعى وعلاقتهم بالمادة. العقل هو ما يمكن تسميتهم عند المؤمنين بالأديان الروح , من أول أفلاطون الى هو كان أول من تحدث فيها ولحد الأن , فى مدرستين أساسيتين:
  1. المثنوية (Dualism) , وهى بتقول ان العقل والمادة , حاجتين مختلفتين تماما فى عالمين مختلفين تماما.
  2. الأحادية (Monism) , وهى بتقول ان العقل والمادة حاجة واحدة بس , بس احنا بننظر لهم على انهم حاجتين وهما , وتحت المدرسة دية بنلاقى المادية الأحادية(Materialism) , الى بتقول مفيش حاجة اسمها روح او عقل , ده المخ البشرى المادى هو سبب الوعى والإدراك زى اى كمبيوتر. وكمان بنلاقى المثالية الأحادية (Idealism) ودية عكس المادية فبتقول , مفيش فى العالم ده غير الارواح وبيتهيألنا اننا بنشوف مواد بس هى فعليا غير موجودة.فكرة المثالية الأحادية دية فى فلسفة العقل , ظهرت مع بيركلى فى القرن ال16 وانتهت. 
خلينا نقول اننا عندنا مدرستين أساسيتين , المثنوية و الأحادية المادية. حنبدأ مع 5 من فلاسفة ما قبل القرن العشرين فى فلسفة العقل , عشان ندى مقدمة سريعة , لأن الى حصل فى القرن العشرين كان تطور ضخم جدا جدا مقارنة بكل القرون الى قبله. حنركز مع افلاطون وارسطو وديكارت وليبنتز ومالينبراخ , والخمسة كانوا من أنصار المثنوية.

أفلاطون قال ان فيه روح منفصله تماما عن الجسم لدرجة انها لا تفنى بموت الجسم , فكان مؤمن بنوع من تناسخ الأرواح وكمان ان فى علاقة بين كل الأرواح الى فى العالم , لدرجة انه قال فكرة مشابهة لوحدة الوجود بتاعت سبنوزا ، ان العالم له روح واحدة بتكون من كل الارواح الى عايشه فيها (Anima mundi).

أرسطو أخد نفس منهج استاذه استاذه فى الثنوية , بس غير بعض الأفكار زى مثلا أن الروح بتفنى بموت الجسم وان فى 3 درجات للأرواح مقابلة للإنسان والحيوان والنبات. وان روح الإنسان هى الأعلى لانها عندها مقدرة التفكير المنطقى.

نوصل لديكارت , صاحب النشأة الفعلية لفلسفة العقل. ديكارت منهجه معتمد على الشك , فبدأ بإنه شك فى كل حاجة , شك فى حواسه لانه بيحلم والأخلام غير موجودة فعليا وكمان بسبب الخدع البصرية, فرفض الحواس كمصدر للمعرفة , وبالتالى شك فى وجود جسمه كمان لانه بيلاحظ وجوده بالحواس , ووصل فى الأخر الى انه شك فى وجود عقله وعند النقطة دية وقف. لو انا بشك فى عقلى , والشك نوع من التفكير , والتفكير لازم له عقل مفكر , يبقى لازم فى عقل موجود , ولو أنا صاحب التفكير ده , يبقى أنا عقلى موجود. وهنا وصل لمبدأ الشهير (Cogito) , "انا افكر اذن انا موجود".طب لو انا مقدرش أشك فى عقلى بدون تناقض منطقى زى ما شفنا فى الفقرة الى فاتت ولكنى اقدر اشك فى جسمى بدون تناقض, يبقى عقلى غير جسمى. وده اول أثبات قوى للثنوية. ديكارت أضاف اثبات تانى هو أن الجسم بيتميز بخصائص زى الأمتداد المكانى وانى أقدر أحس بيه على عكس العقل الى مالوش إمتداد زمانى وخارج نطاق الحس. يبقى العقل غير الجسم وده تانى اثبات لديكارت للثنوية.نوصل للمشاكل الى بعترف بوجودها ديكارت والى بتنقض فكرة الثنوية:
  1. ازاى العقل الغير مادى بيأثر فى الجسم المادى بأنه يخلق أفعال الجسم؟ و ازاى العالم المادى يأثر فى العقل الغير المادى بأنه يغذيه المدخلات الحسية الى تخليه يفكر افكار غير مادية ؟ (mind-body problem) ودية أهم مشكلة لحد الأن. حل ديكارت أن العقل والمخ بيتفاعلوا مع بعض فى الغدة الصنوبرية فى المخ , طب ليه ديكارت أختار الغدة دية بذات؟ لأن المخ كله عبارة عن نصين متماثلين يمين وشمال , بس الغدة دية فى النص بالظبط فهى واحدة بس وملهاش مقابل  , ديكارت كده محل المشكلة لان معنى ان الروح بتأثر فى جزء من المخ , ان لها جانب مادى وبكده وقع نظريته كلها.
  2. لما شخص بيتخبط فى دماغه , تأثير الخبطة دية لو وصل للمخ بيؤثر على العقل , بانه يفقد الذاكرة او يفقد القدرة على الكلام مثلا , المثال ده بيقول ان العقل والمخ شئ واحد , ازاى ده يتفق مع الثنوية ؟
  3. العقل أثناء النوم , النتيجة الطبيعية لكلام ديكارت , "أنا أفكر اذا انا موجود" , ان الانسان لا يفكر اثناء نومه , يبقى الانسان غير موجود أثناء نومه. نظرية ديكارت مبتفسرش غياب الوعى أثناء النوم.
  4. العقل فى الحيوان , الحيوانات عندها عقل بمعنى انها بتقدر تستوعب حواسها وبتحس بالألم وغيره من النشاطات العصبية العقلية , بس معندهاش عقل مفكر منطقى ولا عندها لغة , وده خلى ديكارت يقول ان الحيوانات معندهاش أرواح او عقول. مشكلة نظرية ديكارت هنا انها مش بتقدم درجات للوعى.
فضلت النظرية دية بمشاكلها لفترة طويلة , وحاول فلاسفة كتير تصحيحها من افكارهم عن حرية الارادة لان الارادة ظهرت كمشكلة فى العلاقة بين العقل والمادة , زى ليبنتز مثلا الى حاول يثبت الثنوية بالمنطق , فحط مبدأ ان لو شيئين خصائصهم واحدة تماما , يبقى الشيئين دول شئ واحد وده عرف بقانون ليبنتز , واذا كان خصائص العقل غير خصائص الجسم يبقى دول حاجتين مختلفتين. وان ربنا زى صانع الساعة , رتب كل أحداث الكون بحيت تتناسب مع ارادة أصحابها , يعنى لما انت توقع كوباية وتنزل تتكسر , فربنا وهو بيخلق الكون , كان واضع فى الكوباية دية انها فى لحظة الحدث ده تنفصل عن بعضها وعشان كده انها بنشوفها بتتكسر. طبعا الفكرة دية مستمدة من موقف ليبنتز الجبرى وبالتالى مفيش حرية إرادة.

فيلسوف أخير اسمه مالينبراخ , نقل من الفلسفة الاسلامية وخصوصا كلام الغزالى فكرة ان العقل والمادة بيحتاجوا لوسيط بينهم , خارج عن الاتنين ويقدر يتعامل مع الاتنين وهو الله , وبالتالى الله بيخلق أفعال العباد. بس الحل ده ملاقاش قبول عند الناس لإنه بيفتح باب هل أفعال الشر خلقها الله بارادته؟ ونوصل لحل فى الإسلام بإختلاف المشيئة الربانية بين مشيئة كونية وبين مشيئة شرعية و المشيئة الكونية زى قوانين الفيزياء كده وفيها ما يحبه الله كالطاعات وما يبغضه كالمعاصى والشر فيها من تأثير المفعولات مش من الأفعال.

الحلول دية برضه ملقتش قبول عن الفلاسفة الغربيين مع بدايات عصر العلم التجريبى المادى وانهيار أفكار الميتافيزيقا الحسية وظهور المادية فى صورتها الأحادية وفى مدارسها الثلاثة السلوكية (Behaviourism) والجسمانية (Physicalism) والوظيفية (Functionalism) و أخيرا (Property dualism) الى جناقشهم المرة الى جاية. سيبكم من الأسامى المعقدة دية  , كل فيلسوف لازم يدورله على تعابير معقدة تشير لأفكاره , عشان يبان ان افكاره قوية وصعبة , بس لو كملت بعد التسمية حتلاقى الافكار بسيطة وجميلة. الفيزيائين عندهم قانون غير مكتوب كده , لو المعادلة مش جميلة , يبقى غالبا فيها غلطة 

Comments (0)

Post a Comment